الخميس، 28 أبريل 2016

الخروج من البرمجة


الوعي بالحق والتحرر من البرمجة

إدراك الحق يقلب ميزان التفكير، ويغير الاعتقادات عند المرء.

ومن علامات الوعي والمعرفة بالحق، استجابة الأحاسيس وتحرك العواطف، وكثمرة لهذه التفاعلات تذرف الدموع فرحاً أو بكاءً وتقشعر الجلود رهبة ورغبة.

وكمثال على ذلك، مشهد من حلقة مسلسل "عمر"
، تلك التي سقط الدمع من عيني أخته بكاء حزن بعد الصفع، ثم بكاء رحمة بعد الإيمان. وشتان ما بين تباكي إخوة يوسف أمام أبيهم بعد وضع أخيهم في الجب، وبكائهم الصادق عند ندمهم على فعلتهم.

والمعرفة الحقة بالحق تكسب قناعات راسخة وثابتة لا تتزعزع، كما تسفر عن تصرفات منطقية ومنسجمة لا تنال منها تهديدات، ولا تهزها مخاوف. 

وكمثال على ذلك، حال سحرة فرعون بعد مشاهدة أفعى موسى عليه السلام. وهي الأفعى الحق مقارنة بما صنعه السحرة من حبال وعصي. وكان رد فعلهم أن قالوا: "إنا آمنا برب موسى وهارون" وأمام وعيد فرعون قالوا "لا ضير".

وكان قول بلال بن رباح "أحد أحد" كردة فعل وتصرف منسجم مع ما يغمر نفسه من قوية الإيمان ورباطة جأش أمام تعذيب بشع يراد منه التركيع والخنوع. إنه سحر النفس البشرية متى غمرتها قوة الروح الإلهية أتت بالمعجزات.
وقد سبق للطبيب النفساني فيكتور فرانكل أن تكلم عن آخر الحريات في كتابه "الإنسان يبحث عن المعنى". فبالرغم من ظروف القهر والخوف والتعذيب في المعسكرات النازية، فقد اكتشف أن لديه الإمكانية والقدرة والحرية في التفكير والتأمل والتقرير وذلك في عالم داخلي خاص به وتحت تصرفه، بدون رقيب ولا حسيب.

ففي داخل كل إنسان جوهر وطاقة ونور وعفريت نائم، وإمكانات لا محدودة وقدرات لا متناهية، أعطيت مسميات مختلفة باختلاف الثقافات وحسب القليل مما أوتوا من العلم. وهي الروح في القرآن وكذا النفس والقلب والضمير في الثقافة الإسلامية.

والحق لا يدرك إلا إذا تحولت وظائف الحواس من سمع إلى استماع وإصغاء، ومن بصر إلى بصيرة وتبصر، فتكون الحياة بعد موت ويشع النور بعد الظلام والعلم بعد الجهل.        

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق